Translate

هذه هي آخر منتجات قمت بمشاهدتها Souqموقع الويب الخاص بـ:
في الأغلب، انتهى الأمر بالأشخاص الذين قاموا باستعراض هذه المنتجات إلى اختيار المنتجات التالية:

السبت، 2 يونيو 2012

الصلاة عماد الدين


الحمد لله، والصلاة والسَّلام على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّ الإسلام قد عُنِي في كتابه وسُنَّتِه بأمر الصَّلاة، وشدَّد كلَّ التشديد في طلبها، وحذَّر أعظم التحذير من تركِها؛ فهي عمود الدِّين، ومفتاح الجنَّة، وخير الأعمال، وأوَّل ما يُحاسَب عليه المؤمن يوم القيامة، هي مِن صفات المُتَّقين تتلو الإيمان بالغيب؛ ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 2 - 3]،
ويبدأ ويختم بها أوصاف المؤمنين المُفْلِحين؛ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 9].

ويؤكّد المحافظة عليها في الحضَر والسَّفَر، والأمن والخوف، والسِّلم والحَرْب: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾[البقرة: 238 - 239]، ويُنذر بالويل والهلاك كل من يسهو عنها حتى يضيع وقتها: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 5]، ذكَرها - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومًا فقال: ((مَن حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نَجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبَيِّ بن خلف))؛ [رواه أحمد وابن حبَّان].

تلك هي مكانة الصَّلاة في الإسلام، ولِهذه المكانة كانت أوَّلَ عبادة فُرِضَت على المسلمين، فقد فُرضت في مكة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات، وكانت طريقة فرضيَّتها دليلاً آخَر على عناية الله بها؛ إذْ فُرِضت العبادات كلُّها في الأرض، وفُرِضت الصَّلاة وحدها في السَّماء، ليلة الإسراء والمعراج، بِخطاب مباشر من ربِّ العالمين إلى خاتَمِ المرسلين.

إنَّ الحُكومات تستدعي سُفَراءها في الأمور الحاسمة، التي لا تُغْنِي فيها المُراسلة عن المُشافهة، ومحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - سفير الله إلى خلقِه، فإذا استَدْعاه الله - سبحانه وتعالى - وعرَج به إلى السَّماوات العلا؛ لِيُخاطبه بفرض الصَّلوات، كان ذلك برهانًا ناطقًا على سُموِّ مَنْزلة الصلاة وأهمِّيتها عند الله.

والصَّلاة التي يريدها الإسلام، ليست مجرَّد أقوالٍ يَلُوكها اللِّسان، وحركات تؤدِّيها الجوارح، بلا تدبُّر من عقل، ولا خشوعٍ من قلب، ليست هي التي يَنْقرها صاحِبُها نقْرَ الدِّيَكة، ويَخْطفها خَطْف الغراب، ويلتفت فيها التفاتَ الثعلب... كلاَّ؛ فالصَّلاة المقبولة هي التي تأخذ حقَّها من التأمُّل والخشية، واستحضار عظَمة المعبود - جلَّ جلاله.

ذلك أنَّ القصد الأوَّل من الصلاة - بل من العبادات كلِّها - هو تذكيرُ الإنسان بربِّه الأعلى، الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدى، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14]، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما فُرِضت الصلاة، وأُمر بالحجِّ، وأُشعِرَت المناسك، لإقامة ذكر الله))؛ [رواه أبو داود].

وأشار إلى روح الصَّلاة، فقال: ((الصَّلاة مَثْنَى مثنى، وتَشَهَّد في كلِّ ركعتين، وتَبَاءَسُ وتَمسكَنُ، وتُقْنِع يديك، وتقول: اللَّهم اللهم، فمَن لم يفعل ذلك فهي خِدَاج))؛ أيْ: ناقصة؛ [رواه الترمذيُّ والنسائي وابن خزيمة].

فهذا تنبيه على أهميَّة حضور القلب في الصلاة، وأمَّا حضور العقل فحَسْبُنا قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43]، فنبَّه بهذا التعليل على وجوبِ حضور العقل في الصلاة، فكم من مصلٍّ لا يعلم ما يقول في صلاته، وهو لم يشرب خمرًا، وإنَّما أسكره الجهلُ والغفلة، وحبُّ الدنيا، واتِّباع الهوى!

ويقول ابن عبَّاس: "ركعتان مُقْتصدتان في تفكُّر، خيرٌ من قيام ليلة والقلب ساهٍ".

هذه هي الصَّلاة التي كانت قُرَّة عين النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتي كان يحنُّ إليها، ويتلهَّف عليها، ويقول لبلال: ((أرِحْنا بها))! هذه هي صلاة الأنس والحب، لا صلاة النَّقْر والخطف، التي يؤدِّيها كثيرٌ من المسلمين، وما أعظم الفرق بين مَن يقوم إلى صلاته وهو يقول: أرحنا "بها"، وبين من يقوم إليها وهو يقول: أرحنا "منها"!

هناك بعض المحظورات التي يقع فيها بعض المسلمين، ومنها:

1 - ترك الصَّلاة:
الصَّلاة - كما قلنا - هي معراج المؤمن، يعرج بها إلى ربِّه كلَّ يوم خمس مرات، فهل يليق به أن يتركها؟ فقد ذهَب جماعة من أئمَّة الإسلام إلى أن تارك الصلاة كافر، خارجٌ عن ملَّة الإسلام، وذَهَب آخرون فقالوا: إنه عاصٍ فاسق، يُخشَى عليه فقدان الإيمان.

2 - تأخير الصَّلاة عن مواعيدها:
إذا أحبَّ المسلِمُ ربَّه - عزَّ وجلَّ - كان عبدًا له، لا يتأخَّر عن مُناداة سيِّده، بل إنه يأتي قبل أن يُنادي عليه ليعرض نفسه، ويضعها تحت أمره ومشيئته، فهل يليق بالمسلم أن يناديه ربُّه، فيتخلف، أو يتأخر في إجابته؟! قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 5]، وقال تعالى: ﴿ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

3 - التخلُّف عن صلاة الجماعة:
الصَّلاة في الإسلام تربيةٌ اجتماعيَّة رشيدة، ومدرسة إنسانيَّة عالية، على نسق فريدٍ في تاريخ الأديان والعبادات، فالإسلام لم يَكْتف من المسلم أن يؤدِّي الصلاة وحده في عُزْلة عن المُجتمع الذي يَحْيا فيه، ولكنَّه دَعاه دعوة قويَّة إلى أدائها في جماعة، وبخاصَّة في المسجد، وهمَّ الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يحرق على قومٍ بيوتَهم؛ لأنهم يتخلَّفون عن الجماعات، فإن لم تكن هذه الجماعةُ واجبةً فهي أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة في نظر الإسلام.

روى مسلمٌ عن ابن مسعود قال: "من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فلْيُحافظ على هؤلاء الصلاة حيث يُنادى بهنَّ، فإن الله - تعالى - شرَع لنبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - سُنَن الهُدى، وإنَّهن من سنن الهدى، وإنَّكم لو صلَّيتم في بيوتكم، كما يصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لترَكْتم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضَللْتم، وما من رجلٍ يتطهَّر فيُحْسِن الطهور، ثُمَّ يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلاَّ كتب الله له بكلِّ خطوة يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجة، ويحطُّ عنه بها سيِّئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها - أيْ: صلاة الجماعة - إلاَّ منافقٌ معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجُل يُؤْتَى به يتَهادى بين الرَّجُلين يسندانه لمرضه حتَّى يُقام في الصَّف".

4 - التهاون في صلاة الجمعة:
الجمعة هي الفريضة الأسبوعيَّة التي أوجب الله فيها الجماعةَ إيجابًا، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]، ولم يُبِح التخلُّف عنها لغير عذر: ((مَن ترك ثلاثَ جُمَع تهاونًا بها طبَع الله على قلبه))؛ [رواه الخمسة] وقال: ((ليَنْتهينَّ قومٌ عن وَدْعِهم - أيْ: تَرْكِهم - الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبِهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين))؛ [رواه مسلمٌ وابن ماجه]، وفي هذا الاجتماعِ الأسبوعيِّ تعليمٌ وتوجيه، وموعظةٌ وتذكير، وتجديد للبيعة، وإحياءٌ لعاطفة الأُخوَّة، وتركيزٌ للوحدة، وإظهار للقوَّة، ولذلك حثَّنا النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتبكير في صلاتها فقال: ((مَن اغتسَل يوم الجُمعة غُسْل الجنابة ثُمَّ راح في الساعة الأولى فكأنَّما قرَّب بدنةً، ومن راح في الساعة الثانية فكأنَّما قرَّب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، ومَن راح في الساعة الرابعة فكأنَّما قرب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمامُ حضرَت الملائكة يستَمِعون الذِّكْر))؛ [رواه البخاريُّ عن أبي هريرة].

اللهم تقبَّل صلاتنا واجعلها خالصةً لوجهك الكريم، اللهم اجعَلْنا من المُقيمين الصَّلاة، يا ربَّ العالَمين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هذه هي آخر منتجات قمت بمشاهدتها Souqموقع الويب الخاص بـ:
في الأغلب، انتهى الأمر بالأشخاص الذين قاموا باستعراض هذه المنتجات إلى اختيار المنتجات التالية:

مــدونات ناصــر شــلبى

الـموضــوعـات الأكـثـر زيـارة