فلول صائمون.. مخلل مبارك والشيخة الشريفة

عمرو حسن

• ثقافة وأدب

الشيخة الشريفة ماجدة عرفتني بالنطق الصحيح لمباريك

لم يصدق رامز نفسه أثناء متابعته لأجواء ما قبل محاكمة الرئيس المخلوع بمنطقة التجمع الخامس، وكان هناك العشرات الذين حضروا فقط من أجل إعلان تأييدهم لمبارك ورفضهم محاكمته، وبالطبع لم يكن هذا هو الصادم بالنسبة إليه، لكنه لمح من بين أنصار المخلوع رجلا ممتلئا قليلا، قصيرا قليلا، يحف بمنبت رأسه مقدمات صلع، يرتدي تي شيرت أبيض مكتوب عليه "يا مبارك يا مبارك إحنا الشعب إحنا أنصارك".

لفّ رأس رامز قليلا وأخذ يضيق مقلتيه حتى يتمكن من استيضاح تفاصيل هذا الرجل، نفس العينين نفس الشعر، يا الله! إنه والده، إنه بليغ المستفز، تركهم صباحا وذهب لمبايعة مبارك رئيسا رغم وجوده خلف الأسوار، لم يصدق نفسه وهام على وجهه طوال اليوم ولم يقابل والده يومها، حاول تحاشيه وتجنبه حتى لا يصطدم أحدهما بالآخر.

في اليوم التالي داخل حرم جامعة حلوان حيث يدرس رامز بقسم الآثار بكلية الآداب استوقفه أحد أصدقائه وقال له "شكله كان حلو أوي أبوك في تي شيرت الألعاب بتاع مبارك ده، أخد وجبة بقى ولا وقف على لحم بطنه؟" اشتعل الغضب بنفس رامز وهم أن يناوله بيمينه قبل أن يوقفه زميل آخر معاتبًا: "عيب يا رامز إحنا زملاء يا أخي مايصحشن، وبعدين الواد ماغلطش، ما هو مش منظر يعني.. أبوك فرحان بنفسه أوي وماسك يافطة مكتوب عليها ابن من أبناء مبارك، مع إن البطاقة مكتوب فيها بليغ مستفز وكده الشيطان هيلعب في عبي و... انهال عليه رامز ضربا قبل أن يكمل عبارته واقتاده أمن الجامعة إلى الخارج.

وفي المنزل، جلس بليغ المستفز على الكنبة المجاورة للباب واضعا قدما على الأخرى وأخذ يغني "اخترناه اخترناه، حسني مبارك آي والله، حسني مبارك يا بلاش بيبايعه الوزير والنقاش" قبل أن يدفع رامز الباب بكل قوة فاتحا حنجرته على مصراعيها "إنت إيه اللي إنت عملته ده؟! فضحتني في الجامعة، كل ما حد يقابلني يعملني نمرة".


رد عليه بليغ بهدوء مستفز مثل اسمه "إنت مش واخد وضعك في الجامعة دي حاجة بتاعتك ماتلزقهاش فيّ" فتابع رامز: "وبالنسبة لفقرة الساحر اللي كنت عاملها عند المحاكمة، رايح تأيد مين؟! رايح تأيد واحد نهب خيرنا ومص دمنا 30 سنة!" فاشتعل الغضب في نفسه قائلا: "ماحصلش، الحاشية اللي حواليه، لكن هو لا، حسني مباريك وجمال مباريك وسوزان مباريك وعلاء مباريك دي أسرة شريفة" فنظر إليه رامز باستغراب وقال "ومالك بتتك على مبارييييك كده ليه؟" فنظر إلى السماء كمن يستلهم الحكمة الملكوتية وأجاب بطريقة الدراويش "الشيخة الشريفة ماجدة عرفتني بصرتني بالنطق الصحيح".

حاول رامز أن يسيطر على أعصابه "بص يا بابا اعمل اللي إنت عاوزه، بايع مبارك ولا الشيخة ماجدة، المهم ماتفضحنيش" فقال بليغ: "يا حبيبي في ديموكراسي كل واحد يعمل اللي عايزه، ولا إيه يا أم رامز؟" فخرجت أم رامز ترتدي تي شيرت مكتوب عليه "مبارك هو اختيارك، ومهما كانت الظروف غيره مش هنشوف" ووقفت وسط الحجرة "المخلل جاهز يا اخويا عشان ولاد اسمه إيه؟ إيه؟ أيوة.. ولاد مبارك يخللوا بكرة قدام المحكمة، ما تيجي معانا يا رامز، دي بتبقى قعدة جميلة في جنينة المحكمة والشمس ترد الروح، تاكل خيار؟".