(النشأة)
الأولى؛ قال لها أبوها: "إللي يضربك قطعيه باسنانك"!!
الثاني؛ قالت له أمه: "إللي يبص لك بعينه بس... هات معاشه"!!
ضربت الأولى الثاني فتزوج أبوها أمه... وعندما أشرف هذان الأخيران على الطلاق... كان الثالث في صحبة والديه للإصلاح بينهما!!
(المراهقة)
الأولى؛ قال لها أبوها: "إنسي كل هذه التفاهات... مواهب إعلامية إيه وكلام فارغ إيه؟!!... تروحي فين إنتي جنب إللي واكلينها والعة ع الفضائيات؟!... لا عندي واسطة؛ ولا أنا مستعد أنزل أجيبك م القسم بعد ما يسحلوكي ولا ينهشوا عرضك في مظاهرة عشان حضرتك عاوزة تشتغلي صحفية"!!
الثاني؛ قالت له أمه: "خمستاشر سنة بادعي ربنا يخلي حسني مبارك... وبصراحة باحب الراجل ده... زهقنا بقى م الحروب ومش مستعدة بعد كده أفقدك في مظاهرة؛ أمشي جوه الحيط يحتار عدوك فيك... لازم تاكل الكتب أكل... لو ما دخلتش طب؛ قلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين"!!
الثالث؛ لم يوجه له أبواه نصحاً؛ ولم يكتفيا بالمحبة... أضافا: المصاحبة والحوار الذي لا ينقطع؛ والاهتمام باستطلاع رأيه؛ قبل كل قرار، وفي كل حدث....
تخرجت الأولى في كلية البنات "اقتصاد منزلي"... فأعجب الثاني باختيار أمه لها؛ فهي العروس المثالية لطبيب "ملتزم"؛ لا يرتضي لزوجته العمل خارج المنزل...
عندما أشرفا على الطلاق لم يستغل الثالث الجانب "العادي" في مهنته كمحامي... بل بذل كل جهده للإصلاح بينهما!!
(الثـــــــــــورة)
الأولى؛ ظلت تقذف من بالكونتها بأكوام الجرائد القديمة وما تيسر لديها من مياه معدنية وساندويتشات للمعتصمين في الميدان... وتزايدت مقذوفاتها في الليلة التي تآمر فيها "النظام البائد" بخطة التجويع/ التعطيش/ التصقيع؛ حتى أنها لم تبخل برزمة من جريدة الأهرام كانت تحتفظ بها لاحتوائها: على أول إنتاج أدبي تتمكن من نشره، وللمصادفة؛ على نعي أبيها؛ الذي كان طليقها الثاني "الثري العربي" قد خصص له صفحة كاملة!!... فجأة سقطت على أرضية الميدان؛ جثة هامدة؛ إثر قنصها بطلقة نافذة في الرأس؛ فكانت الجرائد سترها!!
الثاني؛ انضم إلى الأطباء المتطوعين لعلاج الجرحى من الثوار الذين تزايدت أعدادهم يوم الأربعاء الكئيب؛ الذي شهد مهازل: الأحصنة والإبل والرصاص الحي والمولوتوف... والحجارة؛ التي ناله منها ما أودى بحياته!!... لتخرج أمه – كل جمعة – إلى الميدان، رافعة صورته... ومطالبة بإلحاح بوضعه ضمن قائمة الشهداء التي خلت حتى الآن من اسمه لسبب غير معلوم!!
الثالث؛ زاد عزمه ما تعرض له من ضرب على يد الشرطة مساء 25 يناير؛ فعسكر في الميدان بصحبة والديه وزوجته... وأطفاله؛ الذين كان يتناوب حملهم على كتفيه؛ حاملين أعلاماً هاتفين بسقوط "حسني مبارك"... هتافات يرددها خلفهم آلاف المعجبين بأصغر ثائرين في العالم... وعندما وافته المنية لم يَدَّعِ والداه أنه من شهداء الثورة؛ رغم أن الوفاة كان إثر اختناقه بالغاز المسيل للدموع!!
(تمت)
الرياض في 3 أبريل 2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق